المسلمون في شهر الرحمة

المسلمون في شهر الرحمة

 

القرآن الكريم

إن لهذا الشهر الكريم نور تنتشر أشعّته في رحاب الأرض الواسعة، إذ لم يبقى مكان في العالم إلا وقد قصده أحد من المسلمين، فأناره بنور الإسلام ورسالته السمحاء.

حيث يحل المسلمون، يحملون معهم دينهم بكل تطبيقاته وأحكامه، والتي يدخل في صلبها شهر رمضان المبارك، الذي هو خير الشهور وأفضلها، والذي فيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر.

فيحتفي المسلمون في جميع أقطار العالم بهذا الشهر الفضيل، ربما يكون لكل بلد ما يميّزه في احتفائه، لكن الجميع يشتركون في الصيام والقيام والتهجّد والتعبّد والتقرّب إلى الله في كل ما أمر به.

يجتمع المسلمون في العالم على الإحتفال في بداية هذا الشهر الكريم، فيفرحون في قدومه، ويزينون الساحات والبيوت ومنهم من يقوم بطلاء البيوت ابتهاجاً كما في السودان، ويهنّىء المسلم أخاه المسلم بقدوم شهر الرحمة، وفي بعض البلدان يتزاورون من أجل هذه التهنئة كما هي الحال في المغرب.

ولبعض البلدان تقاليد خاصة يقومون بها مع قدوم الشهر الكريم نذكر منها:

ـ في جزر القمر يخرج السكان في الليلة الأولى من شهر رمضان، حاملين المشاعل ويتجهون إلى السواحل؛ حيث ينعكس نور المشاعل على صفحة المياه، ويضربون بالطبول إعلانًا بقدوم رمضان، ويظل السهر حتى وقت السحور.

ـ في الباكستان ينشغل الباكستانيون مع قدوم شهر رمضان بإجراءات السفر لعمرة رمضان التي يحرصون عليها حرصًا شديدًا، ولا يمنعهم عنها إلا ضيق ذات اليد.

ـ في صنعاء قبل رمضان بثلاثة أيام تبدأ مآذن صنعاء بالترحيب بالضيف الحبيب فتبدأ مئذنة الجامع الكبير في التكبير والتهليل. كما أن معظم المحال التجارية تقفل أبوابها لذلك يقوم اليمنيون بتخزين احتياجاتهم خلال شهر شعبان.

ـ في تايلاند حيث يمثل المسلمون ثلث المجتمع التايلاندي، لا بد من أن يُفتح في كل مدينة وكل قرية مسجد جديد في شهر رمضان؛ حتى لو كان المسجد صغيرًا ومتواضع البناء، وتسعى كل قرية ومدينة طوال العام إلى جمع الأموال حسب إمكانيات كل أسرة لبناء المسجد الجديد، ويحرص معظم الأشخاص على العمل بأنفسهم في بناء هذه المساجد أيًّا كان نوع العمل.

ويهتمّون بالذين يحفظون القرآن بأكمله إذ يُحمَلونهم على الأكتاف في مظاهرات فرحة، ويُطاف بهم في الشوارع ، وعندما يبدأ شهر رمضان تعلن أسماء الذين حفظوا القرآن الكريم، وتتردد أسماؤهم على كل الألسنة، ويسمح لهم بتلاوة القرآن في المساجد.

وفي اليوم الأول من شهر رمضان لا بد وأن تذبح كل أسرة تايلاندية مسلمة ذبيحة احتفالاً بشهر رمضان، حتى أن الأسر الفقيرة تكتفي بذبح أحد الطيور.. المهم أن الذبح في اليوم الأول للصوم عادة تايلاندية منذ سنوات طويلة تحرص عليها كل أسرة.

ـ في السويد يستأجر المسلمون ” مصلّيات” (كمساجد) يقيمون فيها الصلوات والشعائر المختلفة، وتفتح أبوابها في رمضان طيلة اليوم؛ حيث تحيى أول ليلة بصلاة التراويح وحلقات الذكر وقراءة القرآن.

ـ في الفلبين أيام رمضان  تُعتبَر بالنسبة إليهم عطلةً اختياريةً من أعمالهم من أجل التفرّغ للعبادة، كما يخرج الأطفال مرتدين الثياب المزركشة حاملين في أيديهم ما يشبه فوانيس رمضان، حيث يستقبلون المصلين بالأغاني والأناشيد. ثم يزورون المساكن المجاورة للمسجد، ويظلون على هذه الحال حتى يحين موعد السحور، فيقومون هم أنفسهم بإيقاظ الأهالي لتناول السحور.

ـ في ليبيريا توزع السيدات “اليروريم” ( وهي أكلات خاصة من الأرز)على الأسر غير المسلمة التي تشارك المسلمين شهر رمضان، وتقيم قبيلة مادنجو” التي معظمها من المسلمين طوال الشهر موائد في الطرقات أوقات الإفطار، ويحرص أي شخص من كل أسرة على الإفطار على هذه الموائد في الشوارع بالتناوب.

ـ في تنزانيا تكثر الزيارات وتبادل الهدايا بين العائلات. يصوم كل الشعب المسلم في تنزانيا؛ بدايةً من الأولاد في عمر 12 سنة وحتى الشيوخ، وهم يصفون المفطر بالإلحاد، والزندقة، والكفر.

ـ في بريطانيا تقوم الجمعيات الإسلامية  بإعداد الإفطار الجماعي في المساجد ثم يتبع ذلك محاضرة ثم صلاة التراويح وفي هذه الأماكن يشعر المسلمون بالجو الرمضاني حيث يفتقدونه في الشارع والأماكن العامة.

ـ في تشاد تبرز سمة التكافل الإسلامي في أبهى صورها، حيث يتسابق الأثرياء من المسلمين في تقديم وجبات الإفطار للفقراء والمساكين وعابري السبيل.

جميع المسلمون يحتفون بهذا الشهر الكريم، ويهتمّون اهتماماً جيداً بعباداتهم، كما يهتمّون بإعداد أنواع الأطعمة المخصصة لهذا الشهر، وهي تختلف من بلد لآخر بحيث يشتهر كل بلد بنموذج معين من الأطعمة الخاصة بسكانه، إلا أن الحليب والتمر يظل الصنف المشترك بين الجميع  لتعمّر بها الموائد.

ويزداد اهتمام المسلمين في شهر رمضان في الأيام العشرة الأواخر منه، إذ يشعر المسلمون أن أيام هذا الشهر الكريم آخذة في الإنقضاء، كما أن لهذه الأيام فضل كبير وفيها ليالي القدر فيتفرّغ فيها المسلمون بشكل أكبر للعبادة تصل لدى البعض إلى حد الإعتكاف في المساجد من أجل الإستفادة من كل دقيقة متبقّية من هذا الشهر الفضيل.

ـ في الباكستان في العشر الأواخر يتناول الرجال طعام السحور مُجتمِعين في المساجد القريبة من منازلهم، وقبل وقت السحور يقرؤون القرآن الكريم.

ـ في اليمن نجد هتافات الوداع في الأيام الأخيرة منه؛ والتي تُعبِّر عن حزنهم لفراق شهر رمضان.

ـ في دمشق في العَشر الأواخر تنهمك النسوة في إعداد حلوى العيد، وخاصة المعمول المحشو بالجوز أو الفستق الحلبي. وهي أيام لا يعرف أهل دمشق فيها النوم والسكينة، فترتدي المدينة حلة قشيبة من الأنوار تنير المآذن والمساجد والطرقات.

ـ في السودان في العشر الأواخر يزداد الناس خشوعاً وتعبداً؛ ففيها صلاة التهجد وتحري ليلة القدر. كل مجموعة تسعى لزيارة جميع أهل القرية أو المدينة التي يقطنون فيها.

ـ في تشاد في العشر الأواخر من رمضان يحتفل المسلمون عادة بليلة القدر التي وصفها الله في كتابه العزيز بأنها خير من ألف شهر. حيث يكثرون من الذكر، وفي نفس الوقت يتم الاستعداد لاستقبال عيد الفطر المبارك.

وهو العيد الذي يستعد له كل المسلمون في كافة أقطار العالم، نسير نحوه سريعاً، تفصلنا عنه أيام قليلة عسانا نستطيع أن نغتنمها، فيكرمنا الله سبحانه وتعالى ويجعلنا من عتقائه من النار.

والحمدالله رب العالمين.

ماجدة ريا

عدد الزوار:2528
شارك في النقاش

تابع @majidaraya

Instagram has returned empty data. Please authorize your Instagram account in the plugin settings .

ماجدة ريا

ماجدة ريا


كاتبة من لبنان تكتب القصة القصيرة والمقالات الأدبية والتربوية والسياسية.
من مواليد بلدة تمنين التحتا في سهل البقاع الأوسط عام 1968 . نلت إجازة في الحقوق عام 1993 من الجامعة اللبنانية، كلية الحقوق والعلوم السياسية ـ الفرع الرابع
حاصلة على شهادات من دورات في التربية والتعليم وفقاً للمناهج الحديثة.
عملت في حقل التدريس أحد عشر عاماً.
كتبت العديد من المقالات والقصص القصيرة في جريدة العهد ـ الإنتقاد منذ عام 1996، وكذلك بعض القصص المنشورة في مجلة صدى الجراح ومجلات أخرى في لبنان.
وقد اختيرت العديد من القصص التي كتبتها لنشرها في موسوعة الأدب المقاوم في لبنان.
وكذلك لي مقالات نشرت في مجلة المسار التي تصدر عن جامعة السلطان قابوس في سلطنة عمان.
أحضر لإصدار مجموعة قصصية تضم عدداً من القصص التي تحكي عن الوطن والأرض.
لي مدوّنتان على الإنترنت إضافة إلى العديد من النشاطات الثقافية والأدبية، ومشاركات واسعة في المنتديات الثقافية على شبكة الإنترنت.