اليوم العاشر من المحرم

اليوم العاشر من المحرم

لا يوم كيومك
اليوم العاشر
لا… صباحه ليس كأي صباح!
في كل عام، وفي مثل هذا الصباح، ينتابني ذات الشعور، عندما أفتح الباب، وتلفحني أول نسمة صباحية، توشوشني وتقول لي تأملي في هذا الكون، أشعر بها تدخل أعماقي وتحرك ذاك الجرح الذي ليس كمثله جراح.
أمشي، وأنا لست أنا، أرفع نظري في السماء، قرص الشمس بالكاد بدأ بالظهور، السماء شاحبة، فيها حزن دفين، على الطريق أشعر بخشوع كل شيء، الأشخاص الذين يتوافدون بملابسهم السوداء نحو مجالس العزاء، أشعر حتى بخشوع البيوت والجدران…
لست أدري لِما كل شيء يبدو مختلفا، لأن صباح العاشر من المحرم مختلف!
لا يشبهه أي يوم من أيّام السنة… أيّام الأعياد تتشابه، أيّام الأفراح، أيّام الأشغال، أيّام الراحة، كل المناسبات يمكن أن تتشابه، حتى أيّام الأحزان يمكن أن تتشابه، إلاّ يوم العاشر، لا يمكن أن يشبهه شيء، ففيه تبدّل وجه الكون، وفيه رسمت لوحة حياة البشرية بأزكى دماء.
ولا زالت في كل عام، تتجدّد تلك اللوحة، تنبض بحياة سيد الشهداء الذي يرعى فينا المسيرة.
ما زال الأحمر القاني يطوقنا، ويطوف بنا نحو العلا…
وما زالت زينب تخيّم علينا بصبرها، فنتعلّم منها كيف يكون الصبر الجميل، وكيف يخطّ الألم معالم الإنتصار.

وا حرّ قلباه، لتلك القلوب الرحيمة، كيف تحمّلت كل ذلك الأسى، قلوب لم تعرف سوى الحب وأرقى المشاعر الإنسانية. حتى اللحظات الأخيرة كان الإمام الحسين عليه السلام رؤوفا بأعدائه، يعظهم، يرشدهم، يحاول أن ينقذهم، لكنها قلوب عليها أقفالها، صم، بكم، عميّ لا يفقهون، يقولون لا نفقه ما تقول يا حسين!…
آه لقلبك يا أبا عبدالله يا سيدي ومولاي..
آه لصبرك يا سيدتي يا زينب، وأنت ترَين ما رأيتِ، وتتحملين كل تلك الأحداث الدامية، وبعدها تكونين الراعية للعيال وأنتِ التي فقدتِ الإخوة والأبناء.. أي شجاعة حيدرية تملكين؟ وأي قلب صبور شكور، وأنتِ تقولين لعبيدالله ابن زياد ـ لعنة الله عليه ـ عندما قال:
“كيف رأيتِ صنع الله بأهل بيتك؟”
وأجبتِه بكل بسالة وصمود:
“ما رأيت إلا جميلاً، هؤلاء قوم كتب الله عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم،
وسيجمع الله بينك وبينهم فتحاج وتخاصم، فانظر لمن الفلاح يومئذٍ. ثكلتك أمك يا ابن مرجانة !!”
السلام على الحسيين وعلى علي ابن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين
السلام على أبي الفضل العباس
السلام عليك يا سيدتي ومولاتي يا زينب وأعاننا الله لنسير على خطاكم إنه سميع مجيب.

ماجدة ريا

عدد الزوار:2080
شارك في النقاش

تابع @majidaraya

Instagram has returned empty data. Please authorize your Instagram account in the plugin settings .

ماجدة ريا

ماجدة ريا


كاتبة من لبنان تكتب القصة القصيرة والمقالات الأدبية والتربوية والسياسية.
من مواليد بلدة تمنين التحتا في سهل البقاع الأوسط عام 1968 . نلت إجازة في الحقوق عام 1993 من الجامعة اللبنانية، كلية الحقوق والعلوم السياسية ـ الفرع الرابع
حاصلة على شهادات من دورات في التربية والتعليم وفقاً للمناهج الحديثة.
عملت في حقل التدريس أحد عشر عاماً.
كتبت العديد من المقالات والقصص القصيرة في جريدة العهد ـ الإنتقاد منذ عام 1996، وكذلك بعض القصص المنشورة في مجلة صدى الجراح ومجلات أخرى في لبنان.
وقد اختيرت العديد من القصص التي كتبتها لنشرها في موسوعة الأدب المقاوم في لبنان.
وكذلك لي مقالات نشرت في مجلة المسار التي تصدر عن جامعة السلطان قابوس في سلطنة عمان.
أحضر لإصدار مجموعة قصصية تضم عدداً من القصص التي تحكي عن الوطن والأرض.
لي مدوّنتان على الإنترنت إضافة إلى العديد من النشاطات الثقافية والأدبية، ومشاركات واسعة في المنتديات الثقافية على شبكة الإنترنت.