#مناجاة … #يوم_الشهيد

#مناجاة … #يوم_الشهيد

%d9%82%d8%a8%d8%b1-%d8%b4%d9%87%d9%8a%d8%af

من أيّ مشهد أبدأ يا أبي، وفي أيّ صورة أرسمك؟ وقد تعملقَت صورتك في داخلي حتى باتت كلّي.

بحثتُ بين الألحان عن لحنٍ يشبهُك، فاهتزّت كل الأوتار تقدّم أنغامها! لكن… لا لحنَ يشبهك؛ وأنت المعزوفة التي ما برحت تقاسمني حياتي، والوتر النابض في قلبي.

نادتني الطيور، تشبك ألحانها على الأغصان النديّة، زقزقة تنشج مع مواويل الألم المتدفق في داخلي، تسطّر “نوتاتها” على دفتر الأيّام، تدندن معي… أن هلمّي إليّ لنصنع تعويذة النجاة.

لا زالت قطرة الدم تفور من تحت التراب، فتلسع قلبي بلونها القاني، وتتوحّد مع جمره المتوقد حباً لك، وشغفاً واشتياقاً.. فأتشبثُ بحبّات التراب، وأمسح بها جبيني المتعرّق، فأخضّبه عزة وجلالاً من عبير تضحياتك، وتتوقف يدي عند الوجنات، فتلك الدموع أريدها أن تجفَّ على خدِّي، ليتندّى بعطر الحياة.

والدي، لا زالت عيناك في عيني ترمقُ حمرةَ المغيب، فكم كان يحلو لك أن تراقب هذا المشهد المهيب، وأنت تقول لي “سأغادر يوماً كمثل تلك الشمس، مخضّباً بحمرة دمائي”. آه لذلك الأصبع الذي ما زال يشير إليها! كأنك هي.. حتى كُنْتَها! فغادرتَ مثلها، تاركاً وراءك حمرة الشفق، ولوناً أرجوانياً يهدي للشعراء شعرهم، وللناس حبّهم… ولكنك عدتَ لتشرق من جديد في كل يوم من أيّامنا، بنور لا ينضب مهما طال علينا الزمن.

في يوم الشهيد، أنا طفلتك التي كبرَت، على صورة، على رسم، على ضريح… وها أنا أجلس عند ضريحك، أشتمّ نسيم عطرك الآتي من تحت التراب، وأحدّق في صورتك أكثر فأكثر، لأكون أنا أنت… وكما تريد.

ماجدة ريا ـ 11/11/2016 

 

عدد الزوار:3603
اترك رداً على majidaraya إلغاء التعليق

2 تعليقان

تابع @majidaraya

Instagram has returned empty data. Please authorize your Instagram account in the plugin settings .

ماجدة ريا

ماجدة ريا


كاتبة من لبنان تكتب القصة القصيرة والمقالات الأدبية والتربوية والسياسية.
من مواليد بلدة تمنين التحتا في سهل البقاع الأوسط عام 1968 . نلت إجازة في الحقوق عام 1993 من الجامعة اللبنانية، كلية الحقوق والعلوم السياسية ـ الفرع الرابع
حاصلة على شهادات من دورات في التربية والتعليم وفقاً للمناهج الحديثة.
عملت في حقل التدريس أحد عشر عاماً.
كتبت العديد من المقالات والقصص القصيرة في جريدة العهد ـ الإنتقاد منذ عام 1996، وكذلك بعض القصص المنشورة في مجلة صدى الجراح ومجلات أخرى في لبنان.
وقد اختيرت العديد من القصص التي كتبتها لنشرها في موسوعة الأدب المقاوم في لبنان.
وكذلك لي مقالات نشرت في مجلة المسار التي تصدر عن جامعة السلطان قابوس في سلطنة عمان.
أحضر لإصدار مجموعة قصصية تضم عدداً من القصص التي تحكي عن الوطن والأرض.
لي مدوّنتان على الإنترنت إضافة إلى العديد من النشاطات الثقافية والأدبية، ومشاركات واسعة في المنتديات الثقافية على شبكة الإنترنت.