العطر عندما يصنع

العطر عندما يصنع

العطر عندما يصنع ؟


إذا كانت العطور الطبيعية والزيوت العطرية المستخرجة مباشرة منها قد استخدمت منذ سالف العصور ولا زالت حتى يومنا هذا كعلاج للإنسان.


فلا بد من الإشارة إلى أن هناك ثمة فارق شاسع بين الزيوت العطرية والعطور الطبيعية المستخرجة من الطبيعة مباشرة من جهة وبين العطور المصنّعة كيميائياً في  المصانع الأميركية والغربية  الحديثة من جهة أخرى ، حيث يأخذ خبراء العطور أسرار الروائح من الطبيعة ويحاكونها بتخليقها من مواد كيماوية في المختبرات ، بحيث لا تعود الزجاجات المزخرفة المليئة بالعطور والمقدمة إلى الشعوب منتجاً طبيعياً وإنما مواد كيميائية مصنعة بأحدث الطرق والأساليب العلمية .


وشتان ما بين عطر طبيعي أو زيوت عطرية مستخرجة من الأشجار والزهور مباشرة وبين تلك المواد السامة المركبة التي يخترعها العلماء،  وإن ظن البعض بأن الرائحة هي ذاتها أو متماثلة معها وهنا يكمن الدهاء ، إذ من المعلوم أن المواد الكيميائية هي مضرة بصحة الإنسان بشكل عام ولها آثارها السلبية وانعكاساتها على الصحة .


فصناعة العطور تعتمد على أكثر من خمسة آلاف مركب كيميائي منها 95 % مشتقات بترولية ، وتشتمل على مركبات مسرطنة وأخرى مثبطة للجهاز العصبي المركزي ، ومؤثرة على الجهاز التنفسي ومسببة لأنواع من تفاعلات الحساسية . وقد نشرت وكالة حماية البيئة الأمريكية تقريراً عن عشرين مركباً كيميائياً هي الأكثر شيوعاً في معظم أنواع العطور المستخدمة في العالم مشيراً لخطورة هذه الكيميائيات ومن بينها : الأسيتون ، وخلات الإيثايل ، والكحول الأثيلي ، وخلات البنزايل  وغيرها. وقد توقف التقرير ، بصفة خاصة أمام “التولوين” الذي يشارك في تركيب أعداد كبيرة من العطور المنتشرة في العالم وهو مركب كيميائي مسرطن ، ومؤثر على الجهاز العصبي ، ويصيب المتعرضين له بالربو.


وأمام هذه الحقائق العلمية بدأت المبادرات للتخفيف من الآثار السلبية لهذه المنتجات المغرية والمضرة في آن ، ففي مدينة “هاليفاكس” الكندية يرفض معظم وحدات الدواوين العامة التعامل مع ذوي العطور الفواحة ، ويحظر على الموظفين التعطر قبل الخروج إلى العمل ، كما يحرص بعض أصحاب الأعمال الخاصة على تعليق لافتات تعلن أن مكاتبهم خالية من العطور.


وتتبنى منظمة بيئية أهلية ، في شمال الولايات المتحدة الأمريكية الدعوة إلى حظر استخدام كل منتجات العطور في الأماكن العامة ، وتنظم حملات دعائية لإقناع الرأي العام باتخاذ هذا التوجه كسياسة عامة . وتدعم دعوتها بإحصائيات رسمية تقول أن ثلث عدد سكان الولايات المتحدة الأمريكية يعانون بعض المشاكل الصحية ( الصغيرة) مثل الصداع وحساسية الجلد كنتيجة مباشرة لاستخدام العطور بأشكالها المختلفة . وفي الدنمارك يعاني 2% من السكان مرض (الأكزيما) بسبب العطور.


وتشير تقارير طبية عديدة إلى حالات مرضية يسببها التعرض للعطور تشمل نوبات الربو ، والطفح الجلدي ، وضعف التركيز ، وخفقان القلب، والغثيان والتهاب الجيوب الأنفية.


وهكذا يبدو أنه من المستحسن للمرء أن يحرق عيدان البخور الطبيعية أو أن يزرع أنواع الورود في حديقته أو في أحواض تخص منزله ليملأ العبير الحقيقي قلبه وبيته وأن يبتعد قدر الإمكان عن العطور المصنعة كيميائياً والتي لا تخلو من ضرر ، وتبقى الطبيعة أم الإنسان التي لن تضرّه أبداً .

ماجدة ريا

عدد الزوار:2398
شارك في النقاش

تابع @majidaraya

Instagram has returned empty data. Please authorize your Instagram account in the plugin settings .

ماجدة ريا

ماجدة ريا


كاتبة من لبنان تكتب القصة القصيرة والمقالات الأدبية والتربوية والسياسية.
من مواليد بلدة تمنين التحتا في سهل البقاع الأوسط عام 1968 . نلت إجازة في الحقوق عام 1993 من الجامعة اللبنانية، كلية الحقوق والعلوم السياسية ـ الفرع الرابع
حاصلة على شهادات من دورات في التربية والتعليم وفقاً للمناهج الحديثة.
عملت في حقل التدريس أحد عشر عاماً.
كتبت العديد من المقالات والقصص القصيرة في جريدة العهد ـ الإنتقاد منذ عام 1996، وكذلك بعض القصص المنشورة في مجلة صدى الجراح ومجلات أخرى في لبنان.
وقد اختيرت العديد من القصص التي كتبتها لنشرها في موسوعة الأدب المقاوم في لبنان.
وكذلك لي مقالات نشرت في مجلة المسار التي تصدر عن جامعة السلطان قابوس في سلطنة عمان.
أحضر لإصدار مجموعة قصصية تضم عدداً من القصص التي تحكي عن الوطن والأرض.
لي مدوّنتان على الإنترنت إضافة إلى العديد من النشاطات الثقافية والأدبية، ومشاركات واسعة في المنتديات الثقافية على شبكة الإنترنت.