#بيت_العنكبوت.. #مشهد_من_الهزيمة

#بيت_العنكبوت.. #مشهد_من_الهزيمة

 

ما إن وقفتُ عند باب المدخل، وجلت بناظري يمنة ويسرة، حتى انتابني شعور يدفعني لأن أدقق في كل صغيرة وكبيرة في هذا المكان، وقد زاد من شعوري هذا كثرة الناس الذين اندفعوا مثلي ليتعرّفوا، عن كثب وبأم العين، على مشهد من مشاهد هزيمة العدو.
بعد أن خطوت خطوات قليلة وجدت نفسي أمام بعض من حطام طائرة ” اليسعور”، تلك الطائرة التي أسقطتها المقاومة الباسلة في وادي مريمين، ما أدّى إلى مصرع وجرح الجنود الصهاينة الذين كانوا على متنها. الموجود أمامي هو بعض من المروحة والذيل، وقد بدا ضخماً جداً.. مشهد الصخور الصغيرة والمتوسطة الحجم التي وزّعت هنا وهناك جعلني أشعر أنني في مكان قروي لا علاقة له بالمدينة، وكأن الطبيعة بجمال أحجارها انتقلت إلى هنا.
رفعت بصري إلى الجانب الآخر لأرى مجسم الصواريخ مرتفعاً نحو السماء، وإلى جانبه بقايا دبابة ميركافا، أو ما يمكن أن يطلق عليه هيكل دبابة!
أمشي متمهّلة، أحاول الاحتفاظ بهذه الصور في عمق قلبي الذي بدا طرِباً وهو يشتمّ رائحة الهزيمة لذلك العدو المتغطرس، كل هذا ولم نبدأ الرحلة بعد، إذ وصلت إلى باب خيمة كبيرة وولجت إلى داخلها.
أُعدّ الداخل على هيئة بعض المواقع التي تخص المقاومة، فبدت الخيمة مقسّمة إلى شبه غرف صغيرة، الواحدة منها أشبه بركن يخص فرداً أو فردين، وفي كل منها يطالعك مجسم لمقاوم، إما ساجد يصلي، أو قانت لربه، أو منكبّ على خريطة بين يديه … تابعت السير وقد صعدت درجات قليلة أوصلتني إلى ما يشبه قاعة كبيرة، مضاءة بشكل فني، وهي مقسّمة أيضاً إلى أركان، كل ركن منها اختص بإظهار شيء ما، وقد بيّنت ذلك الصور العملاقة التي وُزّعت في الأرجاء! 
ركن اختص بإظهار صور الأعداء من بوش إلى رايس إلى أولمرت وجنوده المذعورين الباكين… 
وآخر اختص بإظهار المجازر والأطفال الذين أصيبوا من جراء توحش الآلة العسكرية لهذا العدو…
في أرض كل ركن أُقيمت حفرة مربعة قليلة العمق وضع في كل واحدة منها نوع من أنواع المخلّفات الإسرالئيلية التي استولى عليها المقاومون أثناء المعركة، من خوذ للرؤوس، إلى أسلحة رشاشة، مناظير، بذلات عسكرية، أجهزة اتصال… طبعاً هذه الحفر مغطّاة بزجاج شفاف تستطيع أن ترى من خلاله كل تلك الآثار، التي إن دلّت على شيء، فهي تدل على فرار العدو وانهزام جنوده، وقدرة المقاومة على النزال، وأن أسلحتهم وجبروتهم فعلاً تحت قدمي المقاومة.‎
في أحد الأقسام كانت تُعرض عبر شاشة الكمبيوتر لعبة إلكترونية تحاكي العمليات التي كانت تقوم بها المقاومة في بنت جبيل ومارون الراس وعيتا الشعب..
بعد المرور على كل تلك المعروضات نصل إلى مسك الختام لهذا المشهد البانورامي المؤثر الذي يروي هزيمة نكراء للعدو الصهيوني.
دخلنا عندها إلى مكان معتم أعدّ للعرض، فيه شاشة عملاقة بالقرب منها حفرة كبيرة وُضعت فيها دبابة ميركافا وسلطت عليه إضاءة خفيفة زرقاء كالوميض…
بدأ العرض، كيف كان المقاومون يرمون الدبابات وكيف كانت هذه الدبابات تتفجّر.. كيف كانت الصواريخ تُطلق… كيف ضُربت البارجة في عرض البحر…
شعرت أنني أعيش الحرب من جديد مع أصوات الإنفجارات تلك، ولكن بالتأكيد هذه المرة أعيشها وأنا أتلذذ بطعم الإنتصار الإلهي، وأنا أصفق بشدة عند انتهائه، وأصرخ بأعلى الصوت
يا الله يا الله احفظ لنا نصر الله
يا الله يالله احفظ كل مقاوم، احفظ كل مجاهد في سبيلك.
ماجدة ريا
(مشاهدات من معرض المقاومة الإسلامية الذي أُقيم بعد حرب تموز مباشرةً، في الضاحية الجنوبية لبيروت)
4/8/2007
عدد الزوار:1626
شارك في النقاش

تابع @majidaraya

Instagram has returned empty data. Please authorize your Instagram account in the plugin settings .

ماجدة ريا

ماجدة ريا


كاتبة من لبنان تكتب القصة القصيرة والمقالات الأدبية والتربوية والسياسية.
من مواليد بلدة تمنين التحتا في سهل البقاع الأوسط عام 1968 . نلت إجازة في الحقوق عام 1993 من الجامعة اللبنانية، كلية الحقوق والعلوم السياسية ـ الفرع الرابع
حاصلة على شهادات من دورات في التربية والتعليم وفقاً للمناهج الحديثة.
عملت في حقل التدريس أحد عشر عاماً.
كتبت العديد من المقالات والقصص القصيرة في جريدة العهد ـ الإنتقاد منذ عام 1996، وكذلك بعض القصص المنشورة في مجلة صدى الجراح ومجلات أخرى في لبنان.
وقد اختيرت العديد من القصص التي كتبتها لنشرها في موسوعة الأدب المقاوم في لبنان.
وكذلك لي مقالات نشرت في مجلة المسار التي تصدر عن جامعة السلطان قابوس في سلطنة عمان.
أحضر لإصدار مجموعة قصصية تضم عدداً من القصص التي تحكي عن الوطن والأرض.
لي مدوّنتان على الإنترنت إضافة إلى العديد من النشاطات الثقافية والأدبية، ومشاركات واسعة في المنتديات الثقافية على شبكة الإنترنت.