موقع إنباء الإخباري ـ

ماجدة ريا:

يقف العالم مصدوماً أمام المفاجأة التي فجرّها الأمين العام لحزب الله سماحة السيد نصرالله حفظه الله.

وحدهم أهل المقاومة كانوا في انتظارها، وهم موقنون دائماُ أن المقاومة تسير قدماً، وقد تجاوزت مرحلة الخطوات العادية من زمن بعيد. فعندما أخرج المقاومون العدو عام 2000، كان ذلك الإثبات الأول على بلوغ المقاومة مرحلة النضوج الكامل. وفي حين نام الجميع، كانت تعدّ العدة للآتي، وتسرّع من خطواتها على مختلف الصعد، فكان أن أذهلت العالم عندما صدّت عدوان تموز 2006، ومرّغت أنف العدو الصهيوني بالتراب، وجعلته يضرب أخماساً بأسداس، ويعيد هيكليته وحساباته، ويتبجح بالدرع الصاروخية والقبة الحديدية، وغير ذلك من مناورات تتلوها مناورات، وباتت قيادة العدو تتحدث عن جهوزيتها لحرب جديدة…

والمقاومة التي كانت تسرّع خطواتها باتت تطير في الهواء، وباتت سرعتها تسابق الريح، وتنطلق بغير حدود، حتى فاجأت العدو في عقر داره، وهو مذهول مصدوم، فها هي طائرة أيوب تخبرهم عن صبر المقاومة، وطول أناتها، المقاومة التي لا تتكلّم كثيراً، ولكنها تفعل، تنجز، وفي الدقائق الحاسمة تعلن جهوزيتها بطريقة فاعلة، تصدم العدو وتضعه في عين المأزق.

حيرة ليس بعدها حيرة، وذهول يسيطر على العقول، فماذا عساهم فاعلين!

نحن هنا، في سمائكم.. لا، في سمائنا التي اغتصبتموها وعليكم مغادرتها، قبل أن تمطر عليكم السماء غضباً يحاسبكم عن بطش كل تلك السنين.

ما زال العالم ينظر، وعيناه مفتوحتان، بقلق على الطفل الربيب، الغدّة السرطانية التي غرسوها في قلب الأمة العربية والإسلامية، هذا الطفل الذي ظنّوا يوماً أنّه أصبح شاباً يُعتمد عليه، يبطش، ويقتل، ويستبيح الأجواء والحرمات والمقدّسات، يصفقون له، ويغمضون عيونهم عن أذاه، وإذا بهم فجأة، يكتشفون أنه  ما زال طفلاً، وأن العجز يعود إليه يوماً بعد يوم، إنه العجز بكل ما في الكلمة من معنى.

ماذا يفعلون، وقد ظنوا أن هذا الكيان الغاصب يملك من التفوق التقني والعسكري والقوة الجوية ما لا يملكه الآخرون، فتظهر طائرة أيوب لتشطب بخط عريض كل تلك القوة، وتقول لهم ما قاله رجال المقاومة لسيد المقاومة يوم أهدوه العتاد الذي غنموه: “جبروتهم تحت قدميك”. لعلّها العبارة الأنسب الآن، يا سيد المقاومة، ويا أيتها المقاومة الشريفة التي أثبتت بالفعل والقول “أن جبروتهم تحت قدميك”

كل التقنيات، وكل ما يدّعون من تفوق تكنولوجي وعسكري ذهب أدراج الرياح، وقد علموا علم اليقين أن المقاومة موجودة في كل ساح ولن تترك السلاح. هذا ليس شعاراً تردده، وإنما فعلاً لمسوه ورأوه ودغدغ فيهم تلك العنجهية الفضفاضة، وجعلهم يقفون لحظة الصمت من الذهول، لحظة الجمود. وإلى أن يتحركوا ليفكّروا كيف سيواجهون هذا المأزق الجديد، ستكون المقاومة قد اكتشفت ما هو أقوى وأسرع من الطيران، فهي لم تقف يوماً، ولم تنتظر يوماً، وإنما من سرعة لأسرع، ومن إنجاز لإنجاز، ومن جهوزية لجهوزية أعلى، هي العين التي لا تنام حتى لو نام العالم كلّه.

هكذا هم رجال الله، مسدّدو الخطى، نورهم يسعى بين أيديهم، يهديهم سواء السبيل، هم رجال يعيشون أبد السنين، ومن استشهد منذ 16 عاماً يعود ليرعب هذا العدو الغاصب ، فهم لا يموتون، بل أحياء عند ربهم يرزقون، وفي الدنيا تبقى أرواحهم تقود الإنتصارات المتتالية، فطوبى لتلك الدماء الزّاكية التي لوّنت تراب الأرض بالكرامة والشموخ، ولوّنت أرواحنا بعبير العزة والإنتصار.

ها هو صبرك يثمر يا أيّوب!

عدد الزوار:2111
شارك في النقاش

تابع @majidaraya

Instagram has returned empty data. Please authorize your Instagram account in the plugin settings .

ماجدة ريا

ماجدة ريا


كاتبة من لبنان تكتب القصة القصيرة والمقالات الأدبية والتربوية والسياسية.
من مواليد بلدة تمنين التحتا في سهل البقاع الأوسط عام 1968 . نلت إجازة في الحقوق عام 1993 من الجامعة اللبنانية، كلية الحقوق والعلوم السياسية ـ الفرع الرابع
حاصلة على شهادات من دورات في التربية والتعليم وفقاً للمناهج الحديثة.
عملت في حقل التدريس أحد عشر عاماً.
كتبت العديد من المقالات والقصص القصيرة في جريدة العهد ـ الإنتقاد منذ عام 1996، وكذلك بعض القصص المنشورة في مجلة صدى الجراح ومجلات أخرى في لبنان.
وقد اختيرت العديد من القصص التي كتبتها لنشرها في موسوعة الأدب المقاوم في لبنان.
وكذلك لي مقالات نشرت في مجلة المسار التي تصدر عن جامعة السلطان قابوس في سلطنة عمان.
أحضر لإصدار مجموعة قصصية تضم عدداً من القصص التي تحكي عن الوطن والأرض.
لي مدوّنتان على الإنترنت إضافة إلى العديد من النشاطات الثقافية والأدبية، ومشاركات واسعة في المنتديات الثقافية على شبكة الإنترنت.